ماذا لو سألتك أيها المربي ...... ماهدفك من تربية طفلك؟ أو بعبارة أخرى ماذا تريد أن يكون طفلك مستقبلا؟
هل أجبت؟ حسنا لاتتسرع خذ وقتك
أليس إنشاء طفل مستقل هو الشيء الأساسي الذي يصبو إليه الأباء؟ استقلالية الطفل عقليا وعاطفيا هو طريق يمر به كل طفل وهو مايعبّر عنه عن طريق عناده وطرق أخرى، لكن هل نساعده نحن المربيين على استقلاله؟ من أجل أن يصبح شخصا يتخذ قرارات في حياته ومتزن؟ أم نعدّه على أن يكون اتكاليا؟؟
هل تعلّم طفلك بأن يحترم ذاته ويحب الأخرين؟ هل تنمي الذكاء العاطفي عند طفلك؟
في هذه المقالة سنبحرك أيها المربي في رحلة الاستقلال العاطفي للطفل، ماهو وكيف تحقّقه.
ما معنى الذكاء العاطفي؟
يعرّف الذكاء العاطفي غالبا على أنّه القدرة على إدراك واستخدام وفهم وإدارة العواطف، وقد وضّح جولمان في كتابه " الذكاء العاطفي "أهمية المشاعر في حياتنا اليومية حيث إن فهمها يساعدنا على التعامل مع مواقف حياتنا بشكل صحيح، وأنه بلا شك يتغلّب على الذكاء الأكاديمي.
تشيرالدراسات العلمية إلى أن المشاعروالعواطف التي يعيشها الطّفل في سنواته الأولى من حياته تؤسس لديه مرجعية ثابتة تبقى مدى الحياة وإذا ماستثيرت هذه العواطف فإن أول تصرف يقوم به هو انعكاس لعواطفه الدفينه وهو مايسمى باختطاف العقل في علم النفس، النتوء اللوزي الموجود في الجزء الداخلي من الفص الصدغي الدماغي وهو المسؤول عن العاطفة ويستجيب أيضا لردّات الفعل الفورية " انفعال ما قبل الإدراك " الأمر أشبه بكاميرا تخزّن المعلومات وحينما يصادف أن تحدث مثل الظروف التي تم تخزين المعلومات السابقة تلقائيا تستجيب لنفس ردة الفعل.
كيف أعرف أن طفلى يتمتّع بالذكاء العاطفي؟
إن أجبت بنعم لكل أو غالبية الأسئلة فهنيئا طفلك يتمتّع بالذكاء العاطفي:
- هل من السّهل التحدث إلى طفلك؟
- هل يعرف طفلك كيف يعبّر عن مشاعره ويسمّيها ويفرغها بشكل صحيح؟
- هل يحس طفلك بمشاعر الآخرين ويفهمهم و يتكيّف معهم؟
- هل يعرف طفلك كيف يطلب المساعدة من الآخرين عندما يحتاجها؟
- هل طفلك يكوّن صدقات بكل سهولة؟
- هل طفلك يثق بنفسه بشكل عام؟
- هل طفلك مستمع جيد؟
كيف أحقّق الذكاء العاطفي لدى طفلي؟
الوعي الذّاتي:
هو وعي الطّفل بالمشاعر والأحاسيس و وصفها وتصنيفها ومعرفة قيمه ومبادئه.
كن واعيا لمشاعرك أيها المربي فأنت قدوة لصغيرك، لا تخف من البكاء أمام طفلك ولا تعتبره ضعفا بل هو وسيلة لتعليم الطفل بأنك تمتلك المشاعر وأنت حزين فعبّرت به بالبكاء ذلك كفيل بأن يعلمه أن يحترم مشاعرك أيها المربي ويتعاطف معك ويعبّر عن مشاعره هو الآخر بنفس الطريقة. انظر لقد علّمته ثلاث مهارات في ردّة فعل واحدة.
إضافة إلى ذلك إنه من غير الممكن أن ننتظر منهم أن يعبّروا عن مشاعرهم ويكونو أذكياء عاطفيا ونحن نخفي مشاعرنا ونكتمها، لا تنس أن الأطفال الصّغار أذكياء ودقيقين فهم سيشعرون بالحزن الذي تكتمه داخلك دون أن تبوح به.
علّم طفلك بأن يترجم مشاعره إلى كلمات ليعبّر عنها فيفهمه الطرف الآخر مثلا " أنا غاضب ..... أنا خائف ..... أنا حزين .... سَمّ ردّة فعله ومشاعره بكلمة وكأنّك تعلّمه أن هذه تفاحة وهذا موز إنه سيسهل على الطرف الآخر الاستجابة له حينما يقول له من فضلك أعطني موز؟ أليس كذلك؟ وماذا لو لم يكن يعلم ذلك؟ سيقول أعطني هذا فتعطيه برتقالة مثلا ..... فيغضب يقول هذا أو ذاك وأنت لم تفهم ما يريده بالضبط لأنه لم يسمّي الشيء الذي يودّ الحصول عليه، مثله مثل الطفل الذي يتخبّط أرضا ولا تعلم أهو غاضب أم جائع أم حزين؟؟ لأنه لم يتعلّم أن يعبّر عن مشاعره بالتسمية الخاصة لها.
إعطاء الطفل حق الشعور مهما كانت مبالغة وغير متناسبة مع الموقف مثلا " أتفهم شعورك بالحزن " لا نقول " أنت مضخّم للأمر... لا يستحق كل ردّة الفعل هذا "
أتفهّم شعورك بالغضب لكن الضرب والصراخ ليستا الطريقة الصحيحة لتعبّر عن غضبك ...." إعطاءه حق الشعور بالغضب لا السّلوك.
تنظيم الذّات:
التحكم في المشاعر والغرائز نقطة مهمّة بعد وعيه بها، طريقة التصرّف والوقت المناسب ناتج عن تعامله مع الذّات وفهمها.
وأبسط مثال لتعليمه ذلك هو أن تعطيه لعبة مثلا وتطلب منه عدم فتحها إلاّ بعد وقت معيّن ذلك كفيل بأن تعلّمه بأن يتحكّم في غرائزه كتجربة المارشميلو الشّهيرة.
إن تدليل الطفل وتحقيق مطالبه من مدمّرات طفلك، تخيّلي لوكلما طلب أحضرت بالسمع والطاعة؟ ربما قد يقول البعض " لأننا نحبهم نوفّر لهم " صحيح وفّر لهم طالم تستطيع لكن..... تعلّم قول لا، علّم طفلك بأنه لن يحصل على كل ما يريده في هذه الحياة إنك تساهم في تحكّمه في غرائزه، وكما قال عمر بن الخطاب " أوكلّما اشتهيت اشتريت؟ "
الدافعيّة:
علّم طفلك بأن يحوّل الإحباط إلى دافعية ..... الفشل إلى فرصة للنّجاح، قُص عليه قصص النّاجحين في الحياة الواقعية ذكّره بأنهم كافحوا ووصلو في النهاية، وإذا أمكنك أجر لقاء ودّي معهم.
وكأبسط مثال لتعليم طفلك بأن يكافح هو أن ينهي واجبه أو ما أُمر به إنك تعلّمه بأن يتمّ مابدأ به، إشتري له ألعاب لها بداية ونهاية فذلك كفيل بأن يتعزز لديه مهارة الوصول إلى خط النهاية مهما واجه.
التعاطف:
إنّ الطفل الذي يتعاطف مع الآخرين ويدرك مشاعرهم ذكيٌ بلا شك، فالنجاح هو معرفة إدارة العلاقات وذلك من خلال قراءة شعورهم، فبالتّأكيد لا تودّ أن يكون طفلك أناني يهتم بمشاعره فقط.
إن كنت لا تحترم مشاعر الغير فبلا شك لا تنتظر من طفلك أن يفعل ذلك، إذا أردت أن تعلم طفلك سلوك ما قُم به! كن قدوة لصغيرك قدّر الكبار واحترم مشاعر الناس فهذا التصرّف كفيل بأن يرسّخ لديه مبدأ التعاطف مع الآخرين.
درّب طفلك بأن يساعد الآخرين و أن يعمل معهم جماعيا .
تحدّث مع طفلك بشكل مباشر عن مفهوم احترام الآخرين فمثلا ستقول " جدّك متعب اليوم وهو بحاجة للنّوم فلا تصدر ضجيجا "
تحدّث مع طفلك بشكل مباشر عن مشاعرك والطلب منه بأن يحترمها مثلا " أنا متعبة بنيّتي أرجو ألاّ تتحدّثي معي حتّى أستيقظ من النّوم "
تفهّم مشاعرصغيرك واحترمها مثلا " أنا أتفهّم بأنك تشعر بالغضب ولكن ...... "
المهارات الاجتماعية:
عندما يصل بُرعمك إلى عمر الأربع سنوات يدخل إلى الحضانة ويجتمع مع أطفال غيره ربّما لم يكن يختلط مع الكثير من الاطفال وها قد حانت الفرصة ولكن ماّلذي يجعله يندمج معهم ويكوّن صدقات؟ ...... بالمهارات الاجتماعية والتي يحتاجها الانسان لتكوين الصداقات ومنك يتعلّم وترشده فيكفي أن تسأل طفلك من هو صديقك مثلا؟ وعلى أي أساس اخترته؟ ذلك كفيل بأن تعرف طريقة تفكيره وترشده نحو الأفضل فتعلّمه أسس المحافظة والتعامل مع الآخرين.
أخيرا
وكما يقولون أعط للطفل في سنواته الأولى من حياته إهتماما وعناية ورعاية و وحب، تجد في النّهاية إنسانا ناضجا مستقلاّ كفؤ في مجتمعه.
تعليقات
إرسال تعليق